الليلة الخامسة والعشرون … وقد أبطأ محمود درويش
الليلة الخامسة والعشرون
في بيت أبي حيان التوحيدي
قبل إطفاء الشمعة الثامنة والستين
… وقد أبطأ محمود درويش
1- مسألة النقطة
– يقرأ هذا النص أو لا يقرأ
– يقرأ في نفس واحد .. كونه جملة واحدة
– يسمح بالتدخين أثناء القراءة
2 – مسألة الفاصلة
أضمّ إلى الموت صمتي
وأجلس في أوّل الصفّ حذو الغراب
أصفّق عمّا يقول
أقول:
إذا قال شيئا
ولم يزهق الصوت في الحرف
والرّوح في جسد الكلمات.
أوضّح للناس
أنّي أُطلُّ على القدس
من حفرة هي بحر
على حفرة هي قبر
على جسد هو حمّى وشعر ووحي ونثر..
وأُلبس زهو الطواويس أطروحتي
لا أبالي بعلم الثقاة
ولا أستهين بجهل الرعاة
أوجّه لوما خفيفا إلى زوجة الشاعر الجاهليّ
وزوجاتنا:
كيف يسمحن للجنّيات بإتياننا في الخلاء
ولا يعتبرن القصيد لقيطا
مع أنّه
– في الحقيقة –
ابن.. لجارتهنّ: الفلاة
أسجّل في محضر الاتّهام اعتراضا :
هنا رجل قال ما قال.. فالتفت الناس من حوله / ثم هاجر فالتفت الناس من حوله / ثمّ عاد فلم يجد الناس من حوله / كان هو النّاس والنّاس هو/ وهذا كثير على القائلين بأنّ الجماهير، في الشعر، محض كراسي / وسقطة وزن / و”جيء بها في القطار لتثأر للقدس بعد التحزّم بالشعر والآديولوجيا” / كأنّ، على مسرح الشعر، لا بدّ من شاعر واقف في طنين الذباب / كربّ قريش وحيد بدون كتاب / كأنّ الفراغ أكفّ.. تصفّق أيضا / كأنّ الجماهير مطرودة من علوم الجمال وموعودة بحداء الجمال / كأنّ تناقض أمرين في غاية الانسجام معادلة في صحيح البخاري / كأنّ صحيح البخاري الكتاب الوحيد لدى المكتبات / ولقيا سيفصح إنطاقها عن فضائح في الشعر لم تتناه إلى مكتب المتنبّي / كأنّ احتلالا كهذا سيختلّ دون خيال كهذا / كأنّ خيالا كهذا بلا معجبين ولا معجبات / ولا قارئين ولا قارئات / ولا مطبعيّ ولا ترجمات / هو الأصل في حرفة الشعر منذ أرسطو إلى .. أحدث الفلسفات ..وآخرها:المؤلّف مات !!
أقول لشنقيط : ليس انقلابا وليس انتخابا وليس جناسا وليس انفراطا لعقد وليس كتاب”الأمير” وقد خانه الترجمان وليس جلابيب بيضاء ضدّ ملابس خضر وأزرار خضر وليس”لأنّ” وليس “لعلّ” وليس دعوا شأننا واعتنوا بالمرابي وليس حسابا عصيّا على الخوارزمي وليس استعارات لوركا وليس تدخّل إبليس في البرلمان ولا الشعر في الايدولوجيا ولا الغرب في الشرق ( شنقيط في الأطلسي إذن غرب..روما ) وليس وليس..ولكنه عطش كامن في ضفاف اللغات
أُعزّي المعزّي ومن كان يحرجه أن يعزّي أ
عزّي امرئ القيس والآمدي
أعزّي المعرّي وبدرا وسعدي
وجاري وظلي ورامبو .. وناجي العلي
أعزّي النبات
أُسلّم جبريل شكواي لله موزونة
أما زال جبريل يعمل؟
كم دخله السنويّ ؟
وأيّ اللّغات تعلّم من بعد دانتي؟
لم أكن أتوقّع
والموت حقّ
ذهاب صديقي إلى أمريكا
ليرجع سافر-رأسا-إلى فعل:مات!!
أصحّح علم الخرائط:
إنّ حدود فلسطين بحر وصحراء..
ثم… السّماء
وموسوعة الله في لغتين
ونون وفاء
ومحمود
واللوز والشهداء
وما حفظ الطّين في باطن الأرض من ذكريات
أُوجّه قوسي إلى عنقي
فارقصي يا غزالة في السهل
حلّ الربيع
ويا ملك الغاب خذ طبلة
ولتكن من جلود ضحاياك
ها بدأ الحفل..
من كان أطول من زهرة
طلعت قبل يومين من قبر صاحبنا
فليؤدِّ الصلاة
أُصدّق أنّ القيامة حقّ على شرط أن ألتقي بصديقي لنكمل ذاك الحديث بقفصة، تحت النخيل، وذاك الحديث بتوزر تحت النخيل ونحن نغنّي:على هذه الأرض ما يستحقّ ( إذا الشعب يوما أراد.. ) الحياة
ألاحظ
أنّ “فعولن”
كحرب العصابات:
جيش بكامله ضدّ شخص بكامله
ثم جيش، بلا جنرال بكامله،
ضدّ شخص جريح
… يحاول أن لا يموت، بكامله،
هل أتاك حديث الحياة ؟
نحن في الأصل
منذ الولادة
أو قبلها بدقائق
والأمر شاع
ويعرفه الطير والناس
والجنّ والشرطة البلدية
دليلي: على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة
3 – مسألة الدقيقة
1 – المسألة
كوني أحبّك..لا جدال.. وإنما
ماذا أقول… وقد بليت بإنّما
وعلي تقفية القصيدة كلّها بيتا فبيتا.. صاحيا ومنادما
وعليّ قبل.. كتابتي وخلالها
الشكّ في خبر الجزيرة.. ريثما..
تجد المؤلف عند باب كتابه
جسدا وظلا : “السلام عليكما”
أمّا وقد.. سقط الحصان.. وسرجه
ونُفيتَ أنت من الجليل إلى.. السّما
وأمالك الأعمى إلى غفرانه
ليرى القصيد محرّرا ومؤمّما
ويرى بلادك بلدتين و…حائطا
فكأنّ ما ترك اللّصوص تقوسما !
فأنا أحبّك ..لا جدال.. وإنّما
ماذا أقول.. وقد بُليتُ بإنّما !
2 – الدقيقة
قالت:
سأنتحر الدقيقةَ هذه
….محمود مات
فما أنا من بعده ؟!
………………..
قلنا:
أطال الله في عمر الدقيقة
.. فاقرئي هذا القصيد
.. بخطّه
………………….
جلست
لأنّ دقيقة تكفي..
لتجلس
أو…
تنطَّ من الهواء
لأجله
……………….
الشال كان معلّقا
-مثل القضية-
قربنا
.. متباهيا بعقاله
…………………….
والقدس
– لولا أنّه قمر-
لقلنا:
ها أطلّ ..معزّيا.. بقبابه !!
………………………..
أما الدقيقة
فانتهت
.. قبل الدقيقة
باندفاع دموعها في.. حبره
…………………………..
نبت الربيع
وكان صيفا في بكين
..وعندنا
ذكرا وأنثى
– والطبيعة هكذا-
وفراشة..حوّامة في شعره
……………………..
وقفت..
فكنت رخامة لوقوفها
ولبست شاهدة المكان
… على اسمه
…………………………..
في مسرح الأحداث
حيث حنينُها
ودموعُها
وجلوسُها
وأنا..وهي
وربيعُها
وزهورُها
ووقوفُها
.. والموتُ يكتُبُ
… والحكاية تنتهي
……………………….
مثلت دور محمّد
وأضفت واوا:
ها أنا:
محمودُها… في قبره